دور البراديم المعرفي الواقعي في تحليل السياسة الدولية
قراءة في الأفكار النظرية و الآراء السياسية
د. الواليد أبو حنيفة
ينبع اهتمامنا بدراسة البراديم الواقعي، و يماثله اهتمام كثير في العالم و حتى وطننا العربي، من دور الاتجاه الواقعي و تأثيره في السياسة الدولية، بسبب أفكاره و مناهجه في تفسير سلوك الفواعل الدولية منذ نشأة الدولة القومية إلى يومنا هذا، حيث هيمنت النظرية الواقعية على عقول الباحثين من الدارسين لمادة العلاقات الدولية منذ أربعينيات القرن العشرين، إذ اعتبرها هاؤلاء الدارسين أكثر النظريات اتصالا بالواقع الدولي و تعبيرا عن أوضاعه، فقد شكل المنظور الواقعي الإطار النظري المناسب لتحليل العلاقات بين الدول.
تشير الواقعية إلى أهمية القوة في حركة المجتمعات الدولية، و تذهب إلى اعتبار الرغبة في الهيمنة هي الظاهرة و السمة المميزة للعلاقات الدولية، و تعتبر المصلحة هي الدعامة الثانية في التحليل الواقعي و تحددها في فكرة التأثير و السيطرة، و من هنا تنظر الواقعية إلى العلاقات الدولية على أنها صراع مستمر نحو زيادة قوة الدولة و استغلالها بالكيفية التي تمليها عليها مصالحها.
إن المنظور الواقعي ليس له اتجاه واحد، بل هو مجموعة من الاتجاهات و التيارات داهله، فقد ظهرت الواقعية الجديدة كنتيجة للانتقادات الحادة التي تعرضت لها النظرية الواقعية الكلاسيكية على بد الثورة السلوكية محاولة تجديد الفكر الواقعي لمواكبة الأحداث الراهنة.
إن المكتبة العربية زاخرة بمؤلفات حول النظرية الواقعية، إلا أن ما يؤخذ على بعضها هو غلبة الميولات الذاتية في التفسير و التحليل، و لهذا جاء هذا الكتاب للعمل على تقديم إطارا نظريا علميا بطريقة مبسطة للفكر الواقعي و غير معقد؛ من خلال التطرق للجوانب المنهجية و الأنطولوجية و الابسيمولوجية، و لأهم أفكار الأفكار بالتركيز على الشقين الأمني و الإستراتيجي، فهذا الكتاب موجه بدرجة أولى لطلبة العلوم السياسية في مرحلة التدرج، و الباحثون و الأكادميون المهتمون بموضوعات الأمن و التنظير في حقل العلاقات الدولية.