فرنسا والخليج العربي |
مجموعة مؤلفين
كان لفرنسا منذ أمد بعيد علاقة هامة وتاريخية مع العالم العربي. وعزز هذه العلاقة تزايد حجم التبادل التجاري بين فرنسا ودول مجلس التعاون الخليجي.
وترى فرنسا أن دول مجلس التعاون شركاء حقيقيون ومهمون لها، وهذا ما يجعل الحوار السياسي معها مكثفا على جميع المستويات. كما أن العلاقات الشخصية بين المسؤولين في فرنسا ودول المجلس متينة ومبنية على أسس عميقة من الصداقة والثقة المتبادلة. علاوة على ذلك ، فإن مواقف فرنسا ودول الخليج متقاربة في جميع القضايا الإقليمية تقريبا.
هناك زيادة في التدفقات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي وفرنسا، حيث تستورد فرنسا من هذه الدول النفط والغاز. ومع ذلك، يمكن تكوين شراكة أكثر استقرارا من خلال الاستثمار. ولتشجيع ذلك، فإن وجود إطار قانوني أمر حتمي لضمان أمن الأصول والعوائد العادلة للاستثمارات.
إن الالتزامات الأمنية الفرنسية تعبر عن نفسها من ثلاث طرق: من خلال تقديم الدعم في مكافحة الإرهاب، وتقديم مساهمات في القدرات الدفاعية لبلدان مجلس التعاون الخليجي ورغبتها في المشاركة في النظام الجماعي لحماية أمن الخليج.
وقد أبرمت فرنسا، منذ 1995، اتفاقيات دفاعية مع كل من الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة، وتراقب تنفيذها بعناية.
كما تعاملت فرنسا مع كل صراع في دول الشرق الأوسط بطريقة مختلفة، استنادا إلى الوضع الدولي وماضي علاقاتها مع البلدان المعنية. وتتجه فرنسا أحيانا إلى العمل على أساس ثنائي (كما في لبنان والعراق)، وأحيانا داخل إطار متعدد الأطراف. ومع ذلك هناك مواقف مشتركة ومبادئ دائمة تهتدي بها المشاركات الفرنسية في الشرق الأوسط.
ثمة تعاون عسكري فرنسي مع دول مجلس التعاون الخليجي، ويبلغ ذروته مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وتليها قطر. والاتفاقيات الدفاعية المبرمة بين فرنسا وهاتين الدولتين الخليجيتين تلزم فرنسا بالدفاع عن سيادتها. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التدريبات العسكرية المنتظمة رفيعة المستوى والمبادلات الاستراتيجية تتم عن طريق اللجان العسكرية المشتركة المشكلة بموجب هذه الاتفاقات الثنائية للدفاع.
وقد زاد التعاون الدفاعي مع دولة الإمارات إلى حد كبير عن طريق برنامج المبادلة، وفتح آفاقا جديدة للتعاون في سائر الميادين الاقتصادية والاستراتيجية. ورغم أن التعاون الدفاعي الثنائي بلغ أوجه في التسعينات فإنه يواجه الآن منافسة جادة من الولايات المتحدة، ويسمح هذا التعاون الفرنسي للصناعات الرئيسة في قطاعات مثل المياه والكهرباء والنقل والاتصالات، فضلا عن الصحة والتعليم بتصدير خبراتها والمشاركة في تدريب الشركات الخليجية المحلية.
لقد سعى مجلس التعاون الخليجي منذ وقت طويل إلى مواصلة وتوسيع علاقات التعاون مع الاتحاد الأوروبي، في سعي إلى استيحاء النموذج الأوروبي في تحقيق التكامل الإقليمي.
إن الإرادة السياسية لتعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي تبدو حاضرة لدى الجانبين، وتستند إلى الاعتراف بالمصالح المشتركة. ولا شك في أن تعزيز هذا التعاون سيساهم في تسهيل التبادل البنّاء لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، وحل الأزمات وإعادة التوجه نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب.
في نهاية المطاف، فإن التعاون الثنائي الفرنسي – العربي للدفاع عن الحضارتين العربية والفرنسية يجب أن يسبقه علاقات ثقافية وثيقة، وروح من المساواة، وقبل ذلك كله رغبة حقيقية في التعاون من الطرفين.