مقاربة معرفية: الديموقراطية و التحول الديموقراطي |
إيمان أحمد
يكاد لا يوجد مفهوم استحوذ على اهتمام الفكر السياسي من ناحية وعلى اهتمام النظم السياسية من ناحية أخرى مثل مفهوم الديمقراطية، فهو مفهوم ذائع الانتشار منذ أقدم العصور، بل يكاد لا يوجد نظام حكم لا يعتبر الديمقراطية من سماته وخصائصه الرئيسية، وذلك لأن الديمقراطية في تطورها الحديث لها تطبيقات مختلفة ومتعددة تشمل الدول الغربية والدول النامية والدول الاشتراكية1. والديمقراطية كلمة تتكون من مقطعين يونانيين، هما: “Demos” أي الشعب، و”Kratia” بمعنى حكم. وبالتالي فإن الديمقراطية تعني “حكم الشعب” كله، وليس مجرد فئة أو طبقة أو قطاع من هذا الشعب2.
غير أن هذا المفهوم الأثيني للديمقراطية والخاص بمشاركة جميع المواطنين في الحكم أثار العديد من التساؤلات، منها: من هو الشعب الذي سيحكم؟ وما هو تعريفه؟ وكيف يكون الشعب هو الحاكم؟ وهل لابد من طاعة حكم الشعب؟ وما هو وجه الإلزام لطاعة الشعب؟ وكيف يمكن التعامل مع أولئك الذين يجاهرون بعدم المشاركة في الحكم؟
وتثور تلك الأسئلة في العصور الحديثة بالنظر إلى كبر حجم التشكيلات الاجتماعية، وزيادة عدد السكان، وتعقد العلاقات بين الأفراد، وهو الأمر الذي يتعذر معه مشاركة أفراد الشعب كافة بصورة مباشرة في إدارة شئون الحكم، بينما لم تثر تلك الأسئلة في العصور القديمة لأن دولة المدينة كانت غالبًا من الصغر بحيث تسمح للشعب بأن يسهم مباشرة في مهام الحكم، بالإضافة لذلك فإن أغلب المفكرين القدامى لم يشيروا إلى كلمة Demos إلا بمعنى الرجل الحر ولم تكن تعني الدلالة الحديثة للكلمة التي تنصرف إلى الشعب ككل3. ومن ناحية ثانية فقد أعطيت في النموذج الأثيني لكل المواطنين في التجمع السياسي حقوقاً متساوية في اتخاذ القرار، وبتطبيق ذلك في العصر الحديث فإننا نواجه مشكلة تفتيت أو تقسيم السلطة مما يعوق عملية اتخاذ القرار لاسيما مع تزايد عدد السكان4، في حين أن نموذج دولة المدينة اعتمدت في مباشرتها على حقيقة أنها كانت دولة محدودة السكان، فضلاً عن أن حق التمتع بالحقوق السياسية كان لفئة محدودة من السكان5.
محتويات الدراسة:
محتويات الدراسة:
1- مفهوم الديمقراطية:
*- الديمقراطية في المفهوم الليبرالي:
*ـ الديمقراطية في المفهوم الماركسي:
*ـ الديمقراطية في دول العالم الثالث:
2- مفهوم التحول الديمقراطي:
3- العلاقة بين التحول الديمقراطي والتحول الليبرالي: