الموقف التركي من التصعيد الأمريكي الإيراني |
طارق دياب
تشهد الساحة الدولية والإقليمية صراعاً ًحاداً بين الولايات المتحدة وإيران، بدأ في مايو 2018، حينما أعلن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” انسحابه من الاتفاق النووي، ثم انتقلت الولايات المتحدة من تصفير الفوائد الاقتصادية للاتفاق، بإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران عبر مرحلتين رئيستين: في أغسطس ونوفمبر 2018، إلى العمل على تصفير صادرات النفط الإيرانية، ثم تصنيف “الحرس الثوري الإيراني” منظمة إرهابية في أبريل الماضي، وصولاً إلى حشد قوة بحرية وجوية في منطقة الخليج في مايو الماضي، تنفيذاً لاستراتيجية “الضغوط القصوى” التي أعلنتها الإدارة الأمريكية لمواجهة إيران[1].
وفي 22 أبريل الماضي، أنهى “ترامب” الإعفاءات، التي سمح بموجبها لـ 8 دول _من بينها تركيا_ بشراء النفط الإيراني، وفي حال مخالفة أي دولة لهذا القرار، فسوف تواجه اعتباراً من الثاني من مايو عقوبات أمريكية[2]. وبينما أدت المرحلة الأولى من العقوبات على قطاع النفط الإيراني، لتراجع صادراتها النفطية بنحو 53%، لتصل إلى 1.3 مليون برميل يومياً، بعد أن كانت 2.4 برميل[3]. فإن المرحلة الثانية منها تهدف لتصفير هذه الصادرات نهائياً. وبالتالي أي إصرار من الدول الثمان التي كانت معفاة، على استمرار استيرادها للنفط الإيراني، سينظر لها “ترامب” على أنها أداة إضعاف لفاعلية العقوبات والحصار الذي يفرضه على إيران، وهو ما سيجعله غير متردد في فرض عقوبات قوية على هذه الدول.
جاء الرد التركي على القرار بشكل متدرج، فمن خلال وزير خارجيتها “مولود تشاووش أوغلو”، اعتبر الاقتراح بشراء النفط من أي دولة أخرى غير إيران هو تجاوز للحدود، مؤكداً معارضة بلاده لهذا القرار[4]. تلاه تصريح أقل حدة، أعلن فيه أن بلاده لا يمكنها تنويع وارداتها النفطية بسرعة، فنفط بعض الدول غير مناسب لمصافي النفط التركية، وهو ما سيبقيها مغلقة بعض الوقت[5]. أي أن القرار ذاته من الممكن أن تلتزم به تركيا، لكن تحتاج لمزيد من الوقت من أجل تحديث مصافيها، لتكون جاهزة لنفط يختلف في طبيعته عن النفط الإيراني. أخيراً وفي تصريح حاسم، أكد مسؤول تركي في 23 مايو الماضي، أن بلاده أوقفت شراء النفط الإيراني بدءاً من شهر مايو[6].
وفي هذا السياق تسعى الورقة للإجابة على سؤالين رئيسيين: الأول، يتعلق بمسارات التصعيد الأمريكي الإيراني، وانعكاساته على تركيا وموقفها منه. الثاني يتعلق بخلفيات الالتزام التركي بقرار تصفير صادرات النفط الإيراني، وحسابات الربح والخسارة التركية من هكذا قرار. وتختم الورقة بعدة توصيات تمثل خيارات مقترحة، يمكن لتركيا من خلالها الخروج بأقل الخسائر.
محتويات الدراسة:
1- مسارات التصعيد والحسابات التركية.
2- تصفير صادرات النفط الإيراني والحسابات التركية.
3- توصيات.
الخاتمة.