زينب مصطفى
مع تنامي خطر ظاهرة الإرهاب عالميا؛ غدت أفريقيا مركز أساسي لعديد من التنظيمات الإرهابية التي دوما ما تبحث عن البيئة المناسبة لتنفيذ نشاطاتها. ومثلت الظروف المحيطة بالقارة دافع رئيسي لتلك التنظيمات؛ حيث ساعد غياب الأمن وضعف القيادة السياسية في أفريقيا على جعلها مقصد لتلك التنظيمات سعيا لبسط نفوذها. كما استطاعت تحقيق نجاحات ملحوظة مستغلة ثرواتها المختلفة وكانت عمليات الإتجار المخدرات وتجارة البشر من أهم الاستراتيجيات المستخدمة في التمويل؛ حيث تعتمد نسبة كبيرة من الجماعات الإرهابية المسلحة مالياً ولوجستياً على التدفقات الناتجة عن الاقتصاد غير المشروع كالإتجار بالمخدرات. كما جعلت من القارة السمراء سوق كبير للإتجار في الكوكايين والهيروين والمخدرات الاصطناعية.
بالإضافة إلى ذلك فإن منطقة غرب أفريقيا تعد أهم مناطق عبور للإتجار في الكوكايين والهيروين والمخدرات الاصطناعية، وكذلك منطقة لإنتاج الحشيش مما يعرضها لكثير من التهديدات ذات عواقب أمنية واقتصادية واجتماعية سلبية، كما يضغط على سير العملية السياسية ويقوض ثقة الشعب في القيادة الحاكمة والقانون، ويزيد من حدة الضعف الهيكلي في المنطقة ويعد عائقا أمام تحقيق التنمية في أفريقيا.(1)
لماذا أفريقيا؟
في إطار سعي الجماعات الإرهابية إلى النطاق الجغرافي الذي يحقق أقصى فائدة، نالت أفريقيا الجزء الأكبر من وجود الجماعات الإرهابية حيث نشأ بها 64 منظمة وجماعة إرهابية وينتشر معظمها من أقصى الساحل الأفريقي غربا إلى أقصى الساحل الأفريقي شرقا.
وعلى ذلك برزت التحديات الإرهابية بشكل خاص في منطقة غرب أفريقيا، وساهم في تنامي هذه الظاهرة العديد من العوامل منها الفقر الشديد التي تتميز به وسوء عملية استغلال الموارد فمثلا تحتوي غرب أفريقيا على 32% من إجمالى احتياطي الغاز الطبيعي هناك، بالإضافة إلى تفاقم ظاهرة الحروب والانقلابات وعمليات التطهير العرقي وهشاشة القيادة السياسية، وانعدام الأمن والاستقرار، وزيادة نشاط الجريمة المنظمة العابرة للحدود، بالإضافة إلى تلك العوامل إلا أن يكللها انتشار الأفكار المتطرفة الإسلامية ( جماعة بوكو حرام) والمسيحية (جيش الرب للمقاومة في شمال غرب أوغندا) على حد سواء، مما جعل من اليسير لأي منظمة إجرامية أو إرهابية أن تفرض قانونها.
والمتتبع لتاريخ الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي يجده نشأ أولًا في الجزائر عام 1991 ثم انتقل إلى السودان ليعود مجددًا إلى جنوب الجزائر ومنطقة الساحل، التي أصبحت اليوم من أكبر البؤر للجهاديين في أفريقيا، وشهدت بلدان غرب أفريقيا مثل النيجر ونيجيريا ومالي وموريتانيا تصعيدا من جانب الجماعات الإرهابية مثل بوكو حرام وجماعة التوحيد والجهاد؛ حيث قامت بتنفيذ العديد من الهجمات بنجاح خاصة تلك العابرة للحدود أو الهجوم على الأهداف الدولية، وأيضا تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي يعمل على نطاق واسع في منطقة الصحراء والساحل، وأنشطة حركة الدعوة والجهاد في غرب أفريقيا(MUJAO) ، وأنصار الدين المتمركزين في شمال مالي، بالإضافة إلى ما تقوم به حركتا بوكو حرام و"أنصارو" في شمال نيجيريا، هذا فضلا عن خلايا إرهابية نائمة وشبكات أخرى. (2)
وتعتبر منطقة غرب أفريقيا المعبر الرئيسي لتهريب الكوكايين من أمريكا الجنوبية الذي يمر عبر غرب أفريقيا إلى أوروبا. وتشكل غينيا النقطة الرئيسية لإعادة الشحن؛ حيث استخدمتها عصابات المخدرات في أمريكا الجنوبية كمحور لسنوات عديدة لتهريب كميات هائلة من الكوكايين إلى أوروبا. ويمتد ما يسمى "الطريق الجنوبي" من أفغانستان وباكستان عبر إيران، خلال المحيط الهندي إلى شرق أفريقيا في طريقه إلى أسواق المستهلكين في أوروبا وأمريكا الشمالية. وتبحر بعض الشحنات جنوبًا مثل موزمبيق وجنوب أفريقيا في طريقها إلى مراكز العبور في شرق أفريقيا. ويستفيد الجماعات الإرهابية من هذا الطريق الدائر فيما يتعلق بالبنية التحتية المادية والاتصالات في جنوب أفريقيا، وكذلك شبكات الاتجار بالمخدرات من تجنب اكتشافها. وهذا يتيح لهم الوصول إلى أنظمة التوزيع عبر شرق أفريقيا. ولذلك اعتمد نشاط الجماعات الإرهابية في المنطقة على الإتجار بالمخدرات – كمصدر أساسي للتمويل - حيث النطاق الجغرافي الواسع بما يشمله من كثافة بشرية والسلع والمال.
أن المخدرات تشكل القاعدة المالية للمجموعات المسلحة، وأصبح شمال مالي حلقة الوصل لأنشطة التهريب سواء للمخدرات أو المسلحين لدول الشمال الإفريقي وتهريب المخدرات وتزويد السفن
بالنفط المسروق والقرصنة والاتجار بالأسلحة.
أبرز الجماعات
ترتكز أهم الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي والمقدر عددهم 5 جماعات إرهابية بالغة العنف، ولديها صلات بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام(داعش)، ويأتي على مقدمتهم: (3)
جماعة بوكو حرام
نشأت جماعة "بوكو حرام" عام 2002 في مدينة "مايدوجوري" في نيجريا. وهي من أكثر التنظيمات تطرفا معتمدة على النفوذ القبلي، كانت تسمى في البداية " جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد" وكانت تعلن بأن انتشار التعليم الغربي ضرر يجب ردعه وتمثلت نشاطاتها في داخل نيجريا وخارجها؛ حيث خلقت مدي جغرافي كبير يساعدها على الانتشار، وتمكنت من توفير السلاح اللازم لتنفيذ عملياتها، وتعتبر قبائل الهوسا المتمركزة شمالًا على الحدود مع النيجر المعقل الرئيسي لبوكو حرام وتمثل خطرا كبيرا على أفريقيا خاصة بعد إعلان مبايعتها لداعش .
وتُقَدِّر وزارة الخزانة الأمريكيّة إيرادات جماعة «بوكو حرام» بـعشرة ملايين دولار سنويًّا وفق التقرير السنوي لوزارة الخارجيَّة الأمريكيَّة حول الإرهاب عام 2016، وتأتي معظم هذه الإيرادات من أعمال خطف أجانب أو مواطنين محليين أثرياء، واحتجازهم حتى يتم دفع الفديَّة المطلوبة، ثمّ إطلاق سراحهم بعد ذلك، ومن أبرز هذه العمليّات قيام «بوكو حرام» باختطاف رجل أعمال نيجيري، وإطلاق سراحه بعد دفع فديَّة مقدارها مليون دولار، وفي عمليَّة أخرى اختُطِفَت أسرة فرنسيَّة من شمال الكاميرون، ولم يتم إطلاق سراح أفراد الأسرة المُكَوّنة من سبعة أفراد، إلا بعد دفع الفديَّة المطلوبة، ومقدارها ثلاثة ملايين دولار في فبراير 2013، وتعمل شبكات «بوكو حرام» في الكثير من الأنشطة الإجراميّة في أفريقيا، وعلى رأسها عمليّات تهريب المُخَدِّرات، وأهمها الكوكايين.
حركة شباب المجاهدين في الصومال" مختار بلمختار"
ظهرت في أوائل عام 2004، بعد أن انشقت عن اتحاد المحاكم الإسلامية، الذي هُزم أمام القوات التابعة للحكومة الصومالية المؤقتة، ومن حيث التوجه الأيدولوجي فهي تدين لتنظيم القاعدة حيث تشن حرب عصابات وتستهدف مؤسسات الدولة، يترواح عدد أعضائها بين 3000 إلى 7000 عضو، يتلقون تدريبات في إريتريا يكتسبون خلالها مهارات حرب العصابات واستخدام القنابل والمتفجرات.
وكان مختار بلمختار الملقب بـبلعور أول من شارك من الإرهابيين فى التهريب بداية من السجائر حتى بات يعرف فى الصحراء بـ»مستر مارلبورو» وتطور عمله بالاتفاق مع زعماء التهريب ورعاية أجهزة استخبارات دولية وإقليمية لتهريب المخدرات اعتمادا على فتوى بن لادن بـ»جواز بيع السم للكافرين» حتى أصبحت المخدرات منذ 2011 تمول صناعة الإرهاب والحرب الأهلية والجريمة المنظمة فى ليبيا وموريتانيا وسيراليون وغينيا كوناكرى وليبيريا وساحل العاج ومالى والنيجر وتشاد ودارفور، خصوصا أن هذه الدول إما فاشلة مثل ليبيا أو تشتهر بانعدام الأمن وهشاشة جيوش بلدان جنوب الصحراء.
تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي
يعد التنظيم امتدادًا للجماعة السَّلفيَّة للدّعوة والقتال (GSPC)التي انشقت عن الجماعة الإسلاميَّة المُسَلَّحة (GIA) في عام 1997، ثم أعلنت الجماعة في 2006 انتماءها رسميا لتنظيم القاعدة وفي يناير 2007 أصبح تدعي " بتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي" ومنذ ذلك صارت المصدر الأول للدعم اللوجستي لغيرها من الجهاديين والجماعات الإرهابية النائمة التي تعمل في غرب أفريقيا، وحافظ التنظيم في الوقت ذاته على علاقاته مع الجماعات الإجرامية المنظمة.
وأوضحت أن هدفها المقصود هو نشر الجهاد في غرب أفريقيا وتشمل نشاطات القاعدة بالمغرب الإسلامي والخلايا النائمة التابعة لها في غرب أفريقيا اختطاف وقتل السياح الغربيين والجنود وكذلك الهجمات على أهداف حكومية وحواجز أمنية وبعثات دبلوماسية أجنبية وتعتمد في تمويلها على خطف الرهائن بالإضافة إلى تجارة المخدرات.
وبرز الاهتمام بتمويل الإرهاب، عن طريق عائدات تهريب المُخَدِّرات كمعضلة رئيسيَّة منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، بعد تحوّل أفغانستان خلال عقد التسعينيّات، ووقوعها تحت حكم حركة طالبان، إلى مركز عالمي لإنتاج نبات الأفيون المُخَدِّر، ووجد تنظيم القاعدة بقيادة «أسامة بن لادن» حينها في أفغانستان ملاذًا آمنًا للتخطيط لأعمال إرهابيَّة، وتحويل أفغانستان إلى دولة راعيَّة للمُخَدِّرات والإرهاب، لذلك أضحت فروع التَّنظيم في مناطق متفرقة تنتهج نفس الهدف.
وفي أفريقيا أصبح التداخل بين الجريمة المُنَظَّمَة والإرهاب قويًّا، لدرجة دفعت بعض المحللين إلى القول بتحوّل تنظيم القاعدة من مُمَارسة الإجرام؛ بهدف تمويل الإرهاب، إلى اتخاذ الإرهاب غطاءً لمُمارسة الجريمة؛ من أجل جني المال؛ لذلك يجد تنظيم القاعدة في المغرب الإسلاميّ، في شبكات المُخَدِّرات وباروناتها، حليفًا حيويًّا لتوفير التمويل اللازم، لاسيَّما في ظل سياسة تجفيف منابع تمويل الإرهاب؛ إذ أصبح الاتّجار بالمُخَدِّرات يمثّل مصدرًا رئيسيًّا للمال.
حركة أنصار الدين
نشأت على يد "إياد أغ غالي" وهو من أبناء أسر القيادات القبلية التاريخية لقبائل الايفوغاس الطوارقية التي قادت التمرد المسلح ضد القوات المالية في بداية تسعينات القرن الماضي، وأعلنت التمرد على الحكومة المركزية في باماكو مدعوما بقبائل الطوارق، وأطلق على جماعته "أنصار الدين" ورفع راية القاعدة السوداء مطالبًا بتطبيق الشريعة الإسلامية وإعلان الحرب على الحكومة المالية والجيش الفرنسي الذي تدخل لوقف التمرد ضد الحكومة.
حركة الجهاد والتوحيد في غرب أفريقيا
ظهرت الحركة إثر انشقاق قادتها على تنظيم القاعدة، وأسسوا كتائب خاصة بالمقاتلين من أبناء القبائل العربية في أزواد بمالي، أسوة بسرية "الأنصار"، في تنظيم القاعدة التي تضم المقاتلين الطوارق، وأعلنت الحركة أول بيان لها في أكتوبر 2011، وتوصف بأنها الجماعة الإرهابيَّة المُسَلَّحة الأكثر عنفا في شمال مالي.
جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان "أنصارو"
أضاف صعود جماعة أنصار المسلمين في بلاد السودان "أنصارو" لفترة قصيرة بعدا آخر إلى مشهد الإرهاب الذي انتشر في غرب أفريقيا. وتأسست في 2012 في شمال نيجيريا.
جماعة نصرة الإسلام والمسلمين
أعلنت أربع جماعات متطرفة تنشط في منطقة الساحل الأفريقي في مارس 2017، اندماجها في كيان تنظيمي واحد، أُطلق عليه اسم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بقيادة أياد غالي، وهذه الكيانات الأربعة هي: المرابطون، وأنصار الدين، وكتائب ماسينا، وجماعة إمارة منطقة الصحراء، التي تضم ثلاث كتائب أساسية، هي: الملثمون، وطارق بن زياد، والفرقان، وقد التقى قادة الحركات الإرهابية المتحالفة معا على منصة واحدة، لإعلان تشكيل الجماعة الجديدة وذراعها الإعلامية التي أطلقت عليه مسمى "الزلاقة". وأعلنت مبايعتها لتنظيم القاعدة، وساعد في ظهورها تراجع تنظيم داعش في سوريا والعراق، ما جعل هذه الكيانات تُدرك التداعيات السلبية المحتملة لإمكانية تغلغل داعش داخل أفريقيا.
آليات واستراتيجيات الجماعات الإرهابية
بلغ نشاط الجماعات الإرهابية درجة كبيرة من التنوع والانتشار على المستوى الحركي والفكري والتنظيمي، حيث استطاعت ضم أعداد كبيرة وتحولت إلى كيانات أشبه بالدول تتوفر بها القيادة والتنظيم والتمويل والشبكات الإعلامية مستخدمة في ذلك عدد من الاستراتيجيات كمحرك مثل : (4)
1) توظيف النفوذ القبلي: سعت الجماعات الإرهابية المتمركزة في دول أفريقيا إلى استخدام العنصر القبلي لصالح أهدافها من أجل تحقيق مساحات للتحرك خاصة مع القبائل التي تسيطر على منافذ التهريب والموارد الطبيعية لتوفير مساحات للتحرك تساعد على انتشارها وأيضا مزيد من الدعم المالي.
2) تعزيز العلاقات مع جماعات الجريمة المنظمة: يمثل التعاون مع جماعات الجريمة المنظمة أبرز سمات الظاهرة الإرهابية في أفريقيا؛ حيث سعت الجماعات الإرهابية في أفريقيا إلى تكوين وتقوية علاقاتها مع جماعات الجريمة المنظمة مثل الجماعات النشطة في جرائم الإتجار بالبشر، والمخدرات، وتهريب السلاح، لأجل تحقيق الضمان المالي اللازم لعملياتها مثل الطّوارق في مالي، والروابط بين حركة "بوكو حرام" وقبائل "الهوسا".
3) التدخل الدولي: تسبب تدويل بعض الأزمات الأفريقية إلى سوء الأوضاع في بعض الدول مما خلق بيئة خصبة لنمو الخلايا الإرهابية مثل في ليبيا، بعد سقوط نظام القذافي وتدخل حلف الناتو تحولت إلى سوق لتجارة للسلاح وتنامت الخلايا الإرهابية العابرة للحدود حيث امتد أثرها إلى تشاد والنيجر.
4) توفير إمدادات بشريّة: في الآونة الأخيرة أصبحت أفريقيا مصدر رئيسي للقوة البشرية حيث تزايد عدد المقاتلين إلى جانب داعش من دول أفريقيا، وبذلك شكلت أفريقيا وجهة أساسية للتنظيم للحصول على العدد اللازم من خلال عمليات الإتجار بالبشر.
وتأتي مصادر التمويل من المنابع الرئيسية التالية: (5)
أولاً- الإتجار بالبشر أو الهجرة غير الشرعية التي قدرت عائداتها السنوية بمليار دولار أميركي، تستولي تلك الجماعات على 50-70% منها .
ثانياً- تهريب المخدرات القادمة من دول أميركا اللاتينية إلى أوروبا، حيث يمر 10% من الكوكايين المهرب إلى أوروبا عبر هذه المنطقة، وتدر متوسطً يقدر بمليار و328 مليون دولار أميركي سنويا يذهب منها 14% إلى التنظيمات الإرهابية التي تسيطر على ممرات التهريب بالمنطقة.
ثالثاً- اختطاف رهائن غربيين والمطالبة بدفع فدية للإفراج عنهم، وقدرت عائدات اختطاف الرهائن بـ50 مليون دولار في السنة.
بالإضافة إلى سرقة النفط وعلى الرغم من أن العديد من البلدان في غرب أفريقيا تنتج النفط وتصدره، فإن سرقة النفط تبدو إلى حد كبير، مقتصرة على نيجيريا حيث توجد بوكو حرام.
سبل المواجهة والتوصيات
في محاولة لمواجهة التمركز الإرهابي في أفريقيا كانت هناك بعض المبادرات الساعية لتقويض تلك التنظيمات مثل تدخل فرنسا في مالي في 2012 للتصدي لحركة أنصار الدين، وتسعى فرنسا ودول غرب أفريقيا إلى إنشاء قوة إقليمية جديدة تعمل جنبا إلى جنب.
وفي نفس السياق؛ دعت الجزائر على لسان وزير الشؤون الخارجية "عبد القادر مساهل " إلى ضرورة تزويد إفريقيا باستراتيجية متكاملة لمكافحة تمويل الإرهاب من خلال وتحديثالاقتصاديات وتشجيع الشفافية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وفسر سبب تدهور الأوضاع في أفريقيا نتيجة التعاون بين الجماعات الإرهابية وجماعات الجريمة المنظمة العابرة للحدود.(6)
وتنوعت المبادرات الرامية إلى مواجهة تحالف الجماعات الإرهابية، وكان أبرزها عام 2014 مجموعة G5 بشراكة خمس دول أفريقيا هي (بوركينافاسو، وتشاد، ومالي، وموريتانيا، والنيجر) واتجهت المجموعة لتعزيز جهودها الأمنية من خلال تكوين قوات مجموعة G5 في الساحل لمكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات والإتجار في البشر.
وأسست الولايات المتحدة الأمريكية مبادرتين الأولى: مبادرة "الشراكة لمكافحة الإرهاب عبر الصحراء (TSCTP)، في عام 2005، وتضم من الشركاء كلًّا من (الجزائر، وبوركينا فاسو، والكاميرون، وتشاد، ومالي، وموريتانيا، والمغرب، ونيجيريا، والنيجر، والسنغال، وتونس).
والمبادرة الثانية: "الشراكة لمكافحة الإرهاب في إقليم شرق أفريقيا" (PREACT)، وأُسِّسَت في عام 2009، بتمويل من الولايات المُتَّحِدَة أيضًا، وتضم (جيبوتي، وإثيوبيا، وكينيا، وتنزانيا، وأوغندا، وبوروندي، وجزر القمر، ورواندا، وسيشيل، وجنوب السودان، والسودان).
وتواجه المبادرات الإقليمية الهادفة لمكافحة مصادر تمويل الإرهاب بعض المعضلات التي تتمثل في افتقاد الإرادة السياسية لدى بعض قادة الدول الأفريقية، ونقص التمويل، كما أنها تتنافس مع مُبَادَرَات أخرى نابعة من السياق الأفريقي؛ ما يؤدي إلى تضارب الجهود، كما في التنافس بين مبادرتي الساحل الأفريقي، ودول الميدان.
إن التحديات كثيرة، كما أن جهود المنظمات الدولية، والأمم المتحدة على وجه الخصوص، دور مهم في معالجة مشكلة المخدرات. أولاً، هم مسؤولون عن مراعاة البعد الكامل للمشكلة في البحث عن حلول سياسية دائمة للصراعات. فإن مكافحة الاتجار بالمخدرات في المنطقة هي أيضًا وسيلة لدعم تنفيذ اتفاق السلام. كما يُنظر إلى الحرب على الإرهاب على أنها فرصة لإنشاء "دول قوية". كما أن المساهمة المالية في التنمية الاقتصادية وإنهاء معاناة السكان الأفارقة هي في المقام الأول مسؤولية بقية العالم. الاضطرابات الاجتماعية التي تشكل أرضاً خصبة للإرهاب، مثل النزاعات الحقيقية بين المجتمعات المسيحية والإسلامية في العديد من البلدان الأفريقية، من نيجيريا إلى السودان تفتقد الكثير من الاهتمام.
المراجع